هدنة المئة يوم تنطلق... والتَحرّك يقتصر على الصلات السياسية

رشا أبو زكي

توحّدت كلمة العمال وأصحاب العمل في مؤتمر إطلاق هدنة المئة يوم، فأطلق الطرفان دعوة الى السياسيين لالتزام الهدنة من 1 حزيران حتى 10 أيلول، وتأسيس قاعدة صلبة لمعاودة الحوار وإنهاء الأزمة السياسية

لم يكن المشهد في مؤتمر «معاً من أجل هدنة الـ100 يوم» الذي عقد في قصر الأونيسكو أمس، بدعوة من الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام واتحاد نقابات المهن الحرة، مختلفاً عن صورة المهرجانات المرتبة على عجل.... فربطات العنق خنقت أصحابها بسبب الكلمتين الطويلتين للإعلامية زينا فياض التي قدمت المؤتمر، ومن ثم نقيب الصحافة محمد البعلبكي، فانسحب من القاعة أكثر من نصف المدعوين الذين لم يتجاوز عددهم 300 شخص، بعد أقل من نصف ساعة على بدء المؤتمر. وشددت الكلمات على أن هذا المؤتمر ليس فقط لإنقاذ موسم السياحة، بل هو لإعادة الحياة الى لبنان، وطمأنة المواطنين والسياح، وتفعيل عمل القطاعات الاقتصادية ودعم صمودها. وقد استثنت الدعوات الى المؤتمر الشخصيات السياسية، لمنع أي طرف من استغلال التحرك واتهام الطرف الآخر بالشلل الاقتصادي الحاصل، وذلك على الرغم من أن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري حاول الإيهام بأنه في صف الداعين للهدنة، لا في الجهة التي تناشدها الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي التهدئة، فأعلن في بيان له أمس أنه «يدعم وكتلته هدنة المئة يوم ويؤيدها»!

الكلمات... إنقاذية

وقال رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار، إن «الهدنة تمنح اللبنانيين كافة فرصة لالتقاط أنفاسهم على الصعيدين النفسي والاقتصادي، وتعيد ضخّ الحياة في شرايين هذا الوطن، وتسهم في تمكين لبنان من احتضان إخوانه العرب للإفادة من موسم الصيف المقبل الذي يشكل فرصة لجميع القطاعات الاقتصادية لتفعيل نشاطها وإنتاجها، ولدعم صمودها وتحمّل الأعباء التي تنتظرها على أبواب السنة الدراسية الجديدة وموسم الشتاء المقبل، وتمهد لخروج لبنان من أزمته الراهنة ولتحصينه من أي خلاف سياسي قد يحصل في المستقبلوإذ تطرق رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن الى تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية، قال «نحن هنا اليوم لنطلق صرخة نابعة من إحساسنا كاتحاد عمالي عام وهيئات اقتصادية ومهن حرة بالخطر الداهم على البلاد، لا فقط لنمرّر موسم الصيف». وتوجه الى السياسيين قائلاً «لا تعبثوا بثوابت هذا الوطن وهو على مفترق طرق تشدّه التجاذبات وتتآكله الصراعات، فنحن نصبو إلى دولة قادرة تعطي كل صاحب حق حقه، تنتصر للاقتصاد والإنتاج، تلبي تطلعات وطموحات الشباب، توجد فرص العمل وتوفّر السلم الأهلي والاجتماعي. دولة لا تكون السياسة فيها إفقاراً وتجويعاً بل عمل دؤوب لتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها».
وقال رئيس اتحاد نقابات المهن الحرة غسان رعد، «بالله عليكم أوقفوا هذه الحرب الإعلامية الطاحنة. أوقفوا هذا الصراع المحموم المسموم. أوقفوا مهرجان الزجل السياسي الرديء. أوقفوه مئة يوم، وكان حرياً بكم أن توقفوه بدافع الشهامة والكرامة لمئة سنة كاملة».

ماذا عن انتماءات أصحاب الدعوة؟

شارك الاتحاد العمالي العام في تحركات قوى المعارضة، ولم تكن تركيبة الهيئات الاقتصادية بعيدة من أجواء الموالاة ولا سيما عندما أعلنت مراراً الإضراب وشلّت حركة البلاد في تحركات ذات طابع سياسي، ما أدى الى انفصال الهيئات الاقتصادية في الجنوب عن تلك التي في بيروت. فكيف يؤثر هذا الواقع في أجواء الهدنة التي جمعت الطرفين؟
شدد القصار على أن الهيئات لا وجهة سياسية لها. وكل من فيها لا يعمل في السياسة. واعتبر أن اعتصام المعارضة لن ينتهي إلا بحل سياسي شامل وبتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال إن التصعيد في التحرك لن يتعدى الاتصالات السياسية، ولن يصل أبداً الى الإضراب، لأن الهيئات ترفض وقف العجلة الاقتصادية.
ولكن نقيب الأطباء ماريو عون اعتبر أن النزاع السياسي ليس بيد اللبنانيين، و«أميركا توقف أي محاولة للوصول الى حوار، وفريق 14 آذار غير قادر على إقامة حوار مع المعارضة». وشدد على أن الإضراب غير نافع، إذ إن «كل ما يحدث في البلد لم يحرك ضمائر السياسيين. فقد وصلنا الى واقع ميؤوس منه».
وقال رئيس جمعية تجار بيروت إن هذه صرخة نابعة من ألم القطاعات الاقتصادية والعمال وهي «بعيدة من أي خلفيات سياسية وطائفية، والدليل عدم دعوة الشخصيات السياسية لحضور المؤتمر». واعتبر أنه «لا يمكن أن نتوجه نحو الإضراب، فنحن مع الإنتاج».
فيما كان للأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر موقف مغاير، إذ دعا الهيئات الاقتصادية الى «أخذ مواقف ضد المجتمع السياسي وخصوصاً ضد من يؤزّم الوضع في البلاد».
ولفت رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان إيلي نسناس الى أن «جميع السياسيين مسؤولون عن الأزمة، إذ لا يوجد طرف يرحم الاقتصاد».

مطلقو الدعوة يأملون الخير

هل الاقتصاديون يؤمنون بأن السياسيين سيتجاوبون مع الهدنة؟ يقول القصار بأنه «على ثقة بنجاح التحرك، فقد تلقينا اتصالات مرحّبة بالتزام الهدنة، ولم نتعرض لأي ضغوط». واعتبر عون أن هدف التحرك إيصال الصوت بأن الشعب اللبناني يرفض الواقع السياسي المتشنّج، «وفي الواقع لن يوصل هذا التحرك الى حل، ولكنه ضروري».
واعتبر صادر أن «هذا التحرك جامع، ونتائجه ستكون إيجابية». وتمنى نسناس «أن يسمع السياسيون الصوت، وينقذون فصل الصيف الذي تعوّل عليه المؤسسات الاقتصادية لكونه يوفر 50 في المئة من ناتجها السنوي».

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي